إيران واقتصادها المقاوم: لغة خشبية أم مواجهة اقتصادية شاملة؟
تسعى الأنظمة القوية المستندة الى تفويض شعبي واسع، للحفاظ على الدولة المتمثلة بالارض والشعب والمؤسسات استناداً إلى رؤية مستقبلية ونظام حكم مرن ومتطور، فتعمل على بناء منظومة اقتصادية قوية قائمة على النمو والتقدم الاقتصادي وتتبع نموذجاً انتاجياً يعتمد الاكتفاء الذاتي من الانتاج الى مرحلة التصدير، وتروج لثقافة اقتصادية انتاجية يعتبر العنصر البشري من اهم طاقاتها خصوصا ان فترة الحصار اسهمت في انتاج اقتصاد قوي منيع ومفهوم اقتصادي جديد وواعد.
هذا في النظرية أما في التطبيق وعلى مستوى الجمهورية الإسلامية في ايران، اذا ما دققنا في أرقام سنة 2015 بحسب وزارة الاقتصاد الايرانية، سنجد ان بلداً محاصراً يبلغ حجم أعماله السنوي 400 مليار دولار، هو من أقوى الاقتصادات الانتاجية في المنطقة، ويحتل المركز رقم عشرين اقتصاديا في العالم، وتتوفر له الامكانية لأن يصبح من أفضل عشر دول اقتصادية انتاجية في العالم، بفضل امتلاك 10% من احتياط النفط الخام و15% من احتياط الغاز في العالم، واختزان طاقة شابة يصل عددها إلى 46 مليون مواطن، مما يجعل ايران دولة شابة بامتياز لديها سوق عدد سكانه 75 مليوناً ويتسع ليصل إلى 300 مليوناً بوجود 13 دولة محيطة، ترتبط اقتصادياتها ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد الإيراني.
هذا الانجاز الاقتصادي برغم الحصار والعقوبات، كان ملائماً ومتناسباً مع الفترة الزمنية التي تم تحقيقه فيها، ولكن تسارع التطورات المرتبطة بانجاز الاتفاق النووي بين ايران ودول الخمسة+١ وما يترتب عليها من رفع للعقوبات، وبدأ تدفق وفود الدول ورجال الأعمال مع يستلزمه ذلك من انفتاح اقتصادي واسع له ايجابياته وسلبياته، استدعى وضع منظومة من القواعد والاجراءات التي تضمن تحصينه وتعزيز الثقة به، وربطه برؤية اقتصادية مستقبلية مسؤولة.
من هنا جاء طرح مرشد الثورة الإسلامية اية الله السيد علي الخامنئي لنظرية «الاقتصاد المقاوم» مثالياً في التوقيت علماً ان طرح هذه النظرية في هذا الوقت لم يات من فراغ بل ولد من رحم حالة الحصار التي استمرت من سنة 1979 الى بداية العام 2016 وكان من نتائجها حالة الصبر والثبات والانتاج والابداع على المستوى الاقتصادي والتي أسست واسهمت في خوض مفاوضات من دون تنازلات.
فما هي نظرية «الاقتصاد المقاوم» وما هي أبرز العناصر التي تعتمد عليها:
اولا: تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الناتج المحلي خاصة الزراعي والصناعي.
الانتاج الزراعي:
يعتبر القطاع الزراعي الخطوة الاولى للمسار التنفيذي لهذه النظرية نظراً لكونه الجزء الاهم في منظومة الأمن الغذائي القومي، فهذا القطاع كان يعاني من مشاكل اهمها نقص موارد المياه التي لم تكن تصل الى اكثر من 20% من الاراضي الزراعية ولكن بفضل الخطة الطويلة الامد التي وضعتها الحكومات في ايران من اجل استجرار المياه واشراف الحكومات المتعاقبة منذ سنة 1990 على تنفيذ هذه الخطة واقرار الاعتمادات اللازمة لها وتامين مقومات نجاحها من خلال:
* المثابرة والاعتماد على الطاقات البشرية الداخلية.
* الابداع الهندسي من الشباب الايراني.
بالاضافة الى اعتماد اليات لتطوير هذا القطاع فانشأت لهذه الغاية العديد من المعاهد وكليات زراعية تخصصية فضلا عن دعم الدولة للمزراعين من اجل جودة الانتاج.
هذه الخطة سمحت للدولة ابتداءاً من سنة 2010 باستجرار المياه لتغطية حاجات 95% من الاراضي الزراعية. فارتفع الانتاج
ووصل الى ما نسبته 25% من الناتج المحلي عام 2015 المقدر بـ400 مليار دولار، وتحقق الاكتفاء الذاتي بالإضافة الى فائض في الانتاج ذو جودة عالية أدى إلى ارتفاع مستوى الطلب الخارجي، حيث افادت التقارير الصادرة عن وزرارة الزراعة ومصلحة الجمارك الايرانية ان ايران صدرت بقيمة 802 مليون دولار من منتجاتها الزراعية الى مختلف دول العالم في الشهرين الاولين من سنة 2016 وسجلت حركة تصدير الانتاج الزراعي نمواً نسبته 22.5% مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2015 وبلغت ما نسبته 13.91 % من اجمالي الصادرات.
اهم المنتجات الزراعية الايرانية:
القمح، الارز، الفستق الحلبي،الزعفران، التبغ والتنباك، الشعير، الذرة، القطن، الشاي، والفواكهه، والحمضيات، والبطاطس، والفول، والتوابل، والكمون، والزبيب، والجوز.
الانتاج الصناعي:
شددت نظرية الاقتصاد المقاوم على مبدأ حماية الصناعة من المنافسة الاجنبية وتطويرها بالاعتماد على الخبرات الداخلية،واعطاء الثقه من قبل الشعب واكتساب مهارات حل وتخطي المشاكل، للحد من تضخم الاسعار وزيادة النمو على المدى الطويل مما يؤدي الى خلق فرص عمل متعددة ومتنوعة )سائقين وعمال انتاج، ومهندسين، ومشرفين، وموزعين ومحاسبين ومراقبين( لتحقيق نتائج ايجابية على مستوى تطوير الصناعات ومعالجة البطالة.
باعتبار ان الاقتصاد المقاوم يعطي اولويه اساسيه للانتاج الصناعي وخصوصا ان هذا القطاع كان المستهدف الاساسي للحصار الذي فرض على الدوله الايرانيه مابين علمي 2011 الى بداية العام 2016 .
ولا بد من الاشارة الى أن صمود هذا القطاع في وجه الحصار ما كان ليحصل لولا وجود بنى تحتية اساسية، من حيث توفر:
* العنصر البشري المتخصص والمبدع والمبتكر.
*المواد الاولية التي تحتاجها الصناعة وتوفير النقص بدعم من الدولة.
*اعطاء الثقة بالانتاج الوطني المحلي من قبل الشعب، وتشجيع الاستثمار الداخلي.
*حمايتها من المنافسة الاجنبية.
* دعم الدولة للصناعات من خلال تامين المقومات الاساسية لهذه الصناعة من مياه وكهرباء.
أقسام قطاع الانتاج الصناعي في ايران اليوم:
١ - صناعات المواد الغذائية والمشروبات: تشكل 16 % من الناتج الاجمالي وقد حققت بفضل جودتها وتوفر المواد الاولية الزراعية التي تحتاجها عمليات تصدير بقيمة 9 مليار دولار في سنة 2015 الى العراق وحدها بحسب مديرية التصدير في الجمارك الايرانية.
٢- صناعة النسيج والملابس الجاهزة: تشكل 12.70 % من الناتج الاجمالي وتعتبر صناعة السجاد عنصراً اساسياً في لائحة التصدير الخاصة بهذه الصناعة وهي تشكل ثلث الانتاج العالمي ويقدر قيمة ما يتم تصديره منها بـ 500 مليون دولار سنويا. بحسب وزارة الصناعة في ايران.
٣ - صناعة الالات والمعدات الصناعية: تشكل 17.10% من الناتج الاجمالي وتشكل صناعة السيارات العنصر الاساسي وتحتل المركز الثاني صناعيا بعد صناعة النفط والغاز، وما نسبته 10% من الناتج المحلي الاجمالي في إيران، علماً أن ايران هي الدولة رقم 12 في إنتاج السيارات في العالم والأولى على مستوى الشرق الأوسط .ومن المؤشرات المهمة على اهمية هذا القطاع في ايران مشاركة 150 شركة عاملة في مجال قطاع انتاج وتصنيع السيارات في المؤتمر الذي عقد في طهران للتاكيد على اهمية هذا السوق، بالاضافة الى تاسيس شركات متخصصة في تصميم الشكل الخارجي واسناد الدور الأكبر فيها للطاقات الشبابية الابداعية.
٤ - الصناعات التحويلية: وتكمن أهمية هذه الصناعات في توفير المواد الاولية من معادن وثروات طبيعية من اهمها:
النفط الذي يشكل 10% من انتاج العالم.
الغاز الذي يشكل 15% من احتياط العالم.
الخام للحديد، الرصاص، النحاس، المنغنيز، الزنك، الكبريت.
ومن أهم الصناعات التحويلية في ايران اليوم:
*صناعة الزجاج
تنتج ايران 1.2 مليون طن سنويا وتحتل هذه الصناعه المرتبة الثالثة عالميا بعد المصانع الموجودة في أميركا والصين، ويصدر الزجاج الايراني الى 14 دولة في العالم منها تركيا والهند والبرازيل ودول اسيا الوسطى والشرق الاوسط.
*صناعة مواد البناء
وصل حجم الصادرات الى 15 مليون طن سنويا منذ بداية 2016 وبلغ مدخول هذا القطاع 6 مليارات دولار نهاية شهر اب 2016.
*صناعة الحديد
تظهر بيانات رابطة الصلب العالمية ان ايران انتجت 10.64 مليون طن من الصلب الخام سنة 2014 وان النسب ارتفعت الى زيادة بنسبة 6.9% عام 2015، ولا تزال هذه الزيادة اقل بكثير من خطة البلاد لرفع انتاجها من الصلب الى 55 مليون طن سنويا بحلول 2025 والتي ستخصص 10 ملايين طن منها للتصدير. بحسب تقرير شبكة بي بي سي.
ثانياً: الأمن الغذائي :
يستند مفهوم الامن الغذائي في «الاقتصاد المقاوم» على ضرورة:
* وفرة السلع الانتاجية وتامين مواردها من المواد الاولية من لحظة الانتاجج الزراعي حتى لحظة الاستهلاك من طرف المستهلك.
* وجود السلع في الاسواق بشكل دائم.
* مكافحة الاحتكار.
ان اهتمام الاقتصاد المقاوم الامن الغذائي يهدف الى حماية الشعب بالاضافه الى تامين الظروف والمعايير الضروريه الازمه من خلال عمليات انتاج وتصنيع وتخزين وتوزيع واعداد الخطط الغذائيه المتعلقه بالزيادات السكانيه حتى يكون الغذاء متوفر وملائم للاستهلاك المحلي .
ثالثاً : تحقيق العدالة الاجتماعية
يرتكز مفهوم العدالة الاجتماعية في نظرية الاقتصاد المقاوم وبحسب روؤية الدوله في ايران و رؤية آية الله السيد علي الخامنئي مرشد الثورة الإسلامية على تامين العلم والطبابة. حيث أن تحقيق العدالة الاجتماعية هو جزء مهم في مفهوم رعاية الدولة لشعبها.
العلم: اهتمت الجمهورية الإسلامية بتامين التعليم المجاني وبتطوير المناهج التعليمية وتطوير مستوى المعاهد والجامعات الى حد بات مستوى الجامعات الايرانية من الاهم في المنطقة وباتت جامعة شريف للهندسة والتكنولوحيا المعترف بشهاداتها دوليا في المركز التاسع عالمياً بحسب التصنيف العالمي للجامعات Academic ranking of World University
الطبابة : عملت الوزارة والمؤسسات المعنية بالصحة على توفير الطبابة شبه مجانية للمواطنين ودعمت تطوير القطاع الصحي ووصلت نسبة الانتاج العلمي في قطاع الصحة الى 32 % من اجمالي الانتاج العلمي في ايران لا سيما في علاج امراض مستعصية ودقيقة كالسرطان،وزراعة الاعضاء وجراحة العيون. كما سجل انتاج 34155 مقالا علميا سنة 2012 أي في ذروة فترة الحصار والعقوبات.
رابعاً: مكافحة الفساد
يعتبر الفساد العدو الاول للاستثمار والازدهار الحقيقي، والامن الاقتصادي مرتبط بمحاربة الفساد واذا كانت البيئة الاقتصادية نظيفة وسليمة فان الاستثمارت ستتقاطر على البلاد، هذا ما يؤكده مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي حيث يقول « لو اردنا جلب الناس الى ساحة الاقتصاد فينبغي ان تكون هذه الساحة سليمة وامنة. واذا اردنا تحقيق الامن الاقتصادي فيجب سد المنافذ على المفسدين والمستغلين والمتلاعبين بالقانون والخارجين عليه، محاربة الفساد تعني هذا ويجب تحري الجدية في هذا الامر والشفافية مفتاح محاربة الفساد،ويجب خلق جو من المنافسة وضمان الاستقرار، هذا ما سيجلب المستثمر ويشعره بالامان».
لتعزيز محاربة الفساد ركزت رؤية الاقتصاد المقاوم على:
استقلالية وحماية القضاء من التدخلات السياسية واعطائه صلاحية كاملة وتشريع القوانين الضرورية والحديثة التي يحتاجها. واعداد كوادر بشرية تتصف بالامانة والمصداقية.
تنشيط الدور الرقابي على الاعمال والاعتماد على العنصر البشري المتخصص وتفعيل صلاحيات الأجهزة الرقابية على أعمال الجهاز التنفيذي ومحاسبة المقصرين.
استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة في نظم الرقابة والتطوير البنيوي في الهياكل المعنية بادارة الاقتصاد.
دور وسائل الاعلام وقدرتها على فضح الفساد ووجود شفافية في بيئة العمل الاعلامية والحرص على المعلومة الصحيحة وكشفها. .
خامساً: استقلال الاقتصاد وعدم الارتهان
لا بد لأي اقتصاد قوي من الارتباط بدورة الاقتصاد العالمي، لكن دون أن يستدعي ذلك التبعية والارتهان له ولمؤسساته كي لا تعكس الازمات الخارجية نفسها على الداخل الاقتصادي أو تفرض «اللوبيات» الاقتصادية العالمية شروطها عليه، لذا فرض «الاقتصاد المقاوم» اعتماد حالة اقتصادية تدفع الغرب والعالم الى التفاعل والعمل على التاقلم معها، ودعم تحويل الاقتصاد الداخلي الى اقتصاد انتاجي يعتمد على الابداع والابتكار، كما يشجع على الاستثمار الداخلي وعمل على تشجيع نمط الاصلاح الاستهلاكي الداخلي من خلال الاستفادة المثلى من الموارد الدخلية ويوضح مرشد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي نظرته للاستهلاك ويحدد معالمه حيث يقول « مسالة الاقتصاد وعدم التبذير والاسراف، هو خطاب موجه بالدرجة الاولى الى المسؤولين. فعليهم ان يبتعدوا عن اسلوب التبذير والتصنيع في مجالات عملهم ومسؤولياتهم بدرجه اولى وفي حياتهم بدرجة ثانية فلو عمل المسؤولون بهذه القاعدة وتحلو بهذه الخصلة فان النموذج سينعكس على عموم الناس».
سادساً: تطوير وتنمية العقول والقدرات البشرية والثقة بالكفاءات الوطنية
أكدت رؤية «الاقتصاد المقاوم» أن الاهتمام بتطوير وتنمية العقول والقدرات البشرية يشكل أكبر خدمة لاقتصاد التنمية والانتاج والمعرفة، حيث يتم تسخير جميع الامكانات العلمية والانسانية والطبيعية والجغرافية، خاصة ان تطوير البنية التحتية الاقتصادية للدولة يحتاج الى عناصر بشرية نشيطة ومتخصصة ويقول مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي «انه لو انتبهنا الى اهمية التخصص في العلم واوليناه الاهمية التي يستحق فان عجلة العلم ستدور حتى تحصد الثروة، وخاصة في القطاعات التي لها ميزة. وهذا حاصل اليوم في الاقتصاد المقاوم».
سابعاً: عدم ربط الاقتصاد بالنفط
أكدت الوقائع الاقتصادية والسياسية أن الاعتماد على الموارد النفطية سيؤدي حتما الى الارتهان لدورة ألاقتصاد العالمي.
لذا كان من الواجب الفصل لحماية الاقتصاد الوطني من الاضرار الاقتصادية التي تنتج عن تقلبات أسعار النفط من جهة وعن السياسات الاغراقية التي تتبعها بعض دول «أوبك» لتأمين حصول الغرب على النفط بأسعار دون السعر الطبيعي بدرجات.
وكان لا بد من وضع خطط للاستفادة من ايرادات النفط الاسود والغاز في مشاريع تزيد من الناتج العام والنمو ولا تؤدي الى التضخم وتراجع معدلات النمو.
ويقول مرشد الثورة الإسلامية في هذا السياق «احدى اصعب الاضرار الاقتصادية التي تصيب بلدنا هي التبعية للبترول،فهذه النعمة الالهية الكبيرة في وطننا باتت خلال العقود الاخيرة مصدر انهيارات اقتصادية وتصدعات سياسية واجتماعية. ينبغي علينا ان نتدبر الامر جيدا نحن لا ندعو الى الاستغناء عن موارد البترول، اما يجب ان يكون اعتمادنا على الحد الادنى من مبيعات خام البترول فبالامكان توفير البترول كمنتج»، مع العلم ان ايران اليوم تمتلك 10% من احتياط النفط في العالم، 15 % من احتياط الغاز في العالم
ثامناً: العقيدة الجهادية استناداً الى الحاضنة الشعبية:
تعرف «العقيدة الجهادية» في نطرية «الاقتصاد المقاوم» بأنها تكامل الثورة مع بناء الدولة والاستناد إلى الحاضنة الشعبية لحماية هذه النظرية ومواجهة الاسراف والاستهلاك العشوائي، والاعتماد على الابداع البشري والابتكار والخبرات لدى الشعب الايراني للوصول الى التكامل الاقتصادي واعطاء الثقة بالاستثمار الداخلي وانتاجة من خلال حاضنته الشعبية،
خصوصا اذا ما وثقنا بان العنصر البشري هو القاعدة الايديولوحية والبنية التحتية الاساسية التي يرتكز عليها الجهاد الاقتصادي الذي يؤمن بالابداع البشري صاحب الفكرة والمبادرة وتثبيت مبدا الاخلاص في العمل وعدم الانجرار نحو الاحتكار ومواجهة الفساد وعدم تهريب الرساميل والادمغة.
ويقول مرشد الثورة الإسلامية في هذا الصدد: «ان الحركة الجهادية اسرع من الحركة العادية، لا يمكن انجاز اعمال ضخمة وكبيره بالحركة العادية والمتكاسلة وغير الحساسة فالحركة الجهادية ضرورية لانجاز هذه الاعمال فينبغي ان يكون تحركنا موحدا وعلميا ومقتدرا ومبرمجا وجهاديا».
تاسعاً: مبدأ التوازن في الاستثمارات مع الغرب
انطلاقاً من مبدأ التوازن الاقتصادي في الاتفاقيات التجارية والاستثمارية، ومن المسلمات الاساسية في السياسة الاقتصادية الايرانية، أن لا تكون نتيجة الانفتاح الاقتصادي انقاذ اقتصاديات دول الغرب التي تعاني من الديون والمشاكل الاقتصادية الضخمة وارهاق الاقتصاد الايراني بتبعية كاملة لدورة الاقتصاد الغربي.
وقد سعت إيران بالدرجة الأولى لتوضيح موقفها وموقعها، فبالنسبة لها «الدول الأوروبية اليوم ليست بموقع فرض الشروط الاقتصادية عليها»، وعليها أن تستوعب الخصوصية الإيرانية، وأن حماية الاقتصاد الايراني ومنع ارتهانه للخارج أولوية مطلقة، فأثبتت وثبتت موقعها في الاتفاقيات التي تم توقيعها، والتي كان لها مردود متوازن في الاستثمار داخلياً وخارجياً بما يضمن التشجيع على الاستثمار المتبادل بين دول القارة الاوروبية وايران.
عاشراً: تامين البنية التحتية لدعم النمو والتطوير الاقتصادي
اعتبر الاقتصاد المقاوم ان التخطيط من اجل بنى تحتية متطورة أولوية مطلقة، فتمت الاستفادة من موقع ايران الجغرافي لشق شبكة طرقات متطورة تربط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب، تربط ايران بـ 15 دولة مجاورة لها لتثبيت دورها كدولة مرور وترانزيت للبضائع.
كما تم العمل على تطوير مرافئ الدولة من مطارات وموانىء بحرية لاستيعاب الحركة المتزايدة في عملية الاستيراد والتصدير الى جميع انحاء العالم وتنشيط التجارة واستقبال السواح القادمين للتعرف على الحضارة الايرانية.
كانت الغاية من وضع مبادئ الاقتصاد المقاوم او «اقتصاد مقاومتي» كما يلفظه الايرانيون، هو الحفاظ على هذا الارث الاقتصادي النموذجي، وبناء صرح اقتصادي قوي مستقبلياً، وتحصينه برؤية اقتصادية مسؤولة تستطيع أن تحميه وتعزز الثقة بأهميته وقدرته على فرض نفسه كـ «نموذج اقتصادي» محلياً وعالمياً، اقتصاد يتمتع بمرونة تجعله قادراً على التكيف مع الظروف والمتغيرات والتمتع برؤية بعيدة المدى.
باتت نظرية «الاقتصاد المقاوم» بالنسبة للإيرانيين اليوم، درعاً يحمي ارثهم وانجازهم الاقتصادي الكبير الذي يوازي بنجاحه النجاحات المحققة على المستوى السياسي.
كما اسقطت هذه النظرية الرهان الخارجي على ما بعد الاتفاق مع ايران، والذي كان يراهن على تكرار تجربة الاتحاد السوفياتي بعد «الانفتاح اقتصادي على الغرب» لاستغلال الانهيار في تحقيق مكاسب اقتصادية سريعة، على حساب المصالح الوطنية الايرانية، وأكبر دليل على أهمية هذه النظرية، هو الاهتمام الاوروبي بها والاسئلة والاستفسارات التي طرحت حولها، للاستفادة منها، علها تكون بالنسبة اليهم أيضاً حلاً للمشاكل اقتصادية وبناء نظام اقتصادي جديد.
لا يوجد أي تعليق، كن الأول و ضع تعليقك الان.
آخر تحديث : Sunday, 11 / June / 2017 - 03:27:34
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.